19‏/07‏/2017

أتمنى أن يكون منحي جائزة الصحافة الدولية رسالة للفت انتباه العالم لقضية اليمن



سعدت جداً بكلمات التبريكات والتهاني التي وصلتني من أرجاء العالم. وأجمل التبريكات كانت من أخواني وأخواتي اليمنيين\ات في الداخل والخارج. أنا ممتنة جدا للحب الذي غمرتموني به. الف مليون شكراً! وأشكر أيضاً منظمة حماية الصحافيين العريقة على منحي الجائزة وهي المنظمة التي احترمها جدا وكبرتُ وأنا أتعلم منها مبادئ حرية الصحافة. ممتنة جدا فلم يكن في خاطري يوم من الأيام أن أكون محط نظر هذه المنظمة فما بالكم بأن تهديني جائزة على عملي المتواضع جدا. 


منحي الجائزة ليس لي فقط وإنما هي أيضاً جائزة ضمنية ورمزية لكل صحافي اليمن الذين يذوقون الأمرين في سبيل ممارسة هذه المهنة الشاقة. كفاحي في مهنة الصحافة هي قصة كل صحافي وصحافية يمني ويمنية كافحوا ولا زالوا يكافحون حتى يعلو صوت الحقيقة. وكم أقدر ذلك جداً. 



أثناء دراستي في جامعة صنعاء، في مرة من المرات، سألني أحد معلمي، ماذا تريدين أن تصبحي بعد التخرج يا أفراح؟ جاوبت: أريد أن أكون كاتبة. ضحك المعلم وسخر مني: اذا سوف تموتين وأنتِ فقيرة ولن يعرف أو يقرأ عنك أحد. كم كان مخطئاً!


للأسف في مجتمعاتنا نتوقع دائما من الفتيات أن تكون أحلامهن صغيرة وطموحاتهن أصغر. نتوقع من النساء الكاتبات بأن يهتمين فقط بالمواضيع الناعمة السهلة وأن يتجنبنّ المواضيع الجدية المعقدة. لم أؤمن بكل هذه الهرطقات يوما ما. 



بدأت الكتابة منذ أن كان عمري ١٥ في دفاتر ذكرياتي، ثم بدأت الكتابة في الصحف منذ أن كنت في ال٢٠ من عمري. وأدرك اليوم أن أكتب منذ أكثر من نصف عمري. عندما بدأت امتهنت الصحافة في نهاية ٢٠٠٨ كنت أطير من الفرح، فقد جاءت الفرصة بأن أتقاضى راتب في عمل شيء أعشق عمله. وعندما بدأت ثورة اليمن في ٢٠١١ شعرت برغبة ملحة بأن أكتب قصص أكثر وأكثر عن شجاعة شعبي. شعرت أيضاَ بمشكلة في التغطية الإعلامية عن اليمن في الإعلام الدولي، فلم يكن هناك الكثير من الصحافيين اليمنيين المحليين الذين يكتبون عن اليمن بالإنجليزية ويخاطبون المجتمع الدولي. ولهذا أنشأت مدونة على الإنترنت. 



لم أتوقع أبداً أن يقرأ المدونة أحد. ولا أخفي عليكم، حتى اليوم، هناك لحظات أستغرب فيها مدى القراءة التي تتمتع بها المدونة اليوم. عندما أنشئت المدونة كان همي الأول هو أن يكون لي حاضنة لكل القصص التي كانت في جعبتي. كنت أشعر برغبة ملحة في أن أحكي وأحكي للعالم عن قصص شعبي. ولهذا واصلت التدوين. 



اليوم أدرك جيدا أن التاريخ يشهد بأن لم يحدث أي تغيير في العالم بدون حرية التعبير وحرية الصحافة. كيف لنا أن نصنع التغيير دون أن ننطق به أولاً؟ حرية التعبير والصحافة هي الأداة الأساسية لأي تغيير. وهكذا أراد جيلي في ثورة فبراير في اليمن حرية التعبير والتغيير، وأنا كنت معهم في ذلك. حتى اليوم دونت على مدونتي مايقارب من الألف قصة وكتبت بالمراسلة مع العديد من الصحف والمجلات. وأدرك جيدا بأن هذا يعتبر لاشيء، فمازال الكثير ليكتب عن شعبي، شعب الملكة بلقيس. أريد أن أكتب وأكتب وأكتب فأنا أنزف قصصً. قصصً عن اليمن. 


الجائزة اليوم هي رسالة للعالم للفت انتباه العالم للصعاب التي يتعرض لها صحافي وكتاب اليمن الذين رفضوا أن يطبلوا لها الفريق أو ذاك في مناخ الاستقطاب السياسي الحاد في الشأن اليمني. هي رسالة للفت انتباه العالم بالشر المحدق بصحافي وكتاب اليمن. اليوم اذا انت صحفي يمني تحترم قلمك انت في موقف صعب. إما أنك في السجن، تحت التعذيب، والإهانة، والمحاكمة، أو التهديد أو هارب من رصاصة القناصين، أم أنك آثرت أن تسكت. اليوم الصحفي اليمني بين خيارين لا ثالث لهما، إما أنك تظل في البلاد وتكتب وتواجه الموت، أو أن تختار الهروب والصمت. حتى اشرح الوضع الكارثي الذي تعاني منه الصحافة في اليمن في وسط الحرب كتبت هذا المقال من فترة بسيطة: https://goo.gl/bcJjwk



ماأريد أن أقوله هو أن قضية الصحافيين والصحافيات في اليمن هي قضية تعكس قضية الوطن والمعاناة التي يذوقها أبناء شعبي. قضية اليمن هي قضية عدالة يتحمل مسؤوليتها القريب قبل الغريب.